نبيهات في الحج على الكتابة المسماة (افعل ولا حرج) (4)
الشيخ العلامة/ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
نكمل ما بدأناه في العدد السابق في الرد على الكتابة المسماة (افعل ولا حرج):
زعمه التيسير في أركان الحج وأن المتفق عليه منها اثنان
الثامن: قال الكاتب (ص: 77) تحت عنوان التيسير في أركان الحج اتفق العلماء على أن للحج ركنين هما: الوقوف بعرفة والطواف، واختلفوا في غيرهما).
وأقول:أركان الحج أربعة ، وهي: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، والسعي، وبعض الفقهاء يعتبر الإحرام وهو نية الدخول في النسك شرطاً، فالإحرام سواء سمي ركناً أو شرطاً والطواف والوقوف بعرفة متفق عليها، والسعي بين الصفا والمروة مختلف فيه، والإحرام هو نية الدخول في النسك فلا يكون محرما ًإلا بنية الدخول في الحج والعمرة»لقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) رواه البخاري(1) ومسلم(4927)، وركن الإحرام في الحج والعمرة مثل ركن تكبيرة الإحرام في الصلاة» فإن الصلاة يدخل فيها بتكبيرة الإحرام، والحج والعمرة يدخل فيهما بالإحرام بهما، وقيل لنية الدخول في الإحرام إحراماً لأنه يحرم بعد الإحرام أمور كانت حلالاً قبل الإحرام وهي التي يطلق عليها محظورات الإحرام، وسميت تكبيرة الإحرام بذلك لأن في الإتيان بها يحرم على المصلي أمور كانت حلالاً له قبل ذلك،كالأكل والشرب والكلام وغير ذلك،ولهذا قال صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود(618)وغيره، وانظر إرواء الغليل(301).
ومذهب جمهور العلماء أن السعي بين الصفا والمروة ركن في الحج والعمرة، ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس! اسعوا» فإن السعي قد كتب عليكم) رواه الدار قطني(2/255) من طريق البيهقي (5/97)، ورجال الدارقطني ثقات، إلا معروف بن مشكان وقد قال فيه ابن حجر في التقريب صدوق)، فإسناد الحديث حسن، وحسّنه النووي في المجموع(8/82)، وصحّحه المزي وابن عبد الهادي، انظر إرواء الغليل للشيخ الألباني رحمه الله(1072)، وفيه أيضاً ذكر طرق أخرى للحديث غير هذا الطريق، وقالت عائشة رضي الله عنها ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته ما لم يطف بين الصفا والمروة) رواه البخاري(1790)ومسلم(3080)، ولفظ الأثر عند ابن جرير في تفسير آية البقرة قال لعمري! ما حج من لم يسع بين الصفا والمروة لأن الله تبارك وتعالى يقولإًنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مًن شَعَائًرً اللّهً) وإسناده على شرط البخاري ومسلم.
تنويهه بإجزاء الوقوف بعرفه جوّاً
التاسع: قال الكاتب عن الوقوف بعرفة( ص:77) وهذا الركن يحصل أداؤه بلحظة، حتى إن من العلماء من قال: ولو مرَّ بأجواء عرفة بالطائرة أجزأه )
وأقول: لا أدري وجه إيراد الكاتب هذا القيل؟! هل المراد منه التيسير على الحجاج في الوقوف بعرفه جوّاً؟! وهو من التكلف الذي كان الكاتب في غنية عنه، ولو تأتّى للطائرين المستعجلين بناءً على هذا التيسير الوقوف بعرفة جوّاً، فكيف يتأتى لهم مثل ذلك في طواف الإفاضة؟!.
زعمه أن من دفع من عرفه قبل الغروب لا شيء عليه
العاشر: قال الكاتب ( ص: 77): ( ولو دفع قبل الغروب أجزأه عند الأئمة، خلافاً لمالك، قال ابن عبد البر: لا نعلم أحداً من أهل العلم وافق مالكاً على هذا. وبعضهم يقول : عليه دم ، والأقرب أنه لا شيء عليه ، الدليل: حديث عروة بن مضرس الطائي( قال: جئت يا رسول الله من جبل طيء ، أكللت مطيتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله ( : من أدرك معنا هذه الصلاة، فأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً ، فقد تمّ حجه وقضى تفثه. فهذا دليل على أن الحاج لو دفع قبل الغروب فلا شيء عليه ).
وأقول: من وقف بعرفه نهاراً وجب عليه البقاء فيها إلى غروب الشمس» لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقفوا كذلك، ففي حديث جابر (فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص) رواه مسلم(2950)، وقد قال صلى الله عليه وسلم لتأخذوا عني مناسككم»فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه )رواه مسلم(3137) عن جابر، ولم يرخص لأحد بالانصراف من عرفة قبل الغروب، وقد جاء عنه الترخيص بالانصراف من مزدلفة للنساء والضعفة ومن في حكمهم في آخر الليل قبل انصرافه إلى منى، قال ابن قدامه في المغني(5/273): وعلى من دفع قبل الغروب دم في قول أكثر أهل العلم) وسمى بعضهم، وحديث عروة بن مضرس ( لا يدل على جواز الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس ممن وقف بها نهاراً وأنه لاشيء عليه، وإنما يدل على إجزاء وقوف من وقف بها ليلاً أو نهاراً.
الشيخ العلامة/ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
نكمل ما بدأناه في العدد السابق في الرد على الكتابة المسماة (افعل ولا حرج):
زعمه التيسير في أركان الحج وأن المتفق عليه منها اثنان
الثامن: قال الكاتب (ص: 77) تحت عنوان التيسير في أركان الحج اتفق العلماء على أن للحج ركنين هما: الوقوف بعرفة والطواف، واختلفوا في غيرهما).
وأقول:أركان الحج أربعة ، وهي: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، والسعي، وبعض الفقهاء يعتبر الإحرام وهو نية الدخول في النسك شرطاً، فالإحرام سواء سمي ركناً أو شرطاً والطواف والوقوف بعرفة متفق عليها، والسعي بين الصفا والمروة مختلف فيه، والإحرام هو نية الدخول في النسك فلا يكون محرما ًإلا بنية الدخول في الحج والعمرة»لقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) رواه البخاري(1) ومسلم(4927)، وركن الإحرام في الحج والعمرة مثل ركن تكبيرة الإحرام في الصلاة» فإن الصلاة يدخل فيها بتكبيرة الإحرام، والحج والعمرة يدخل فيهما بالإحرام بهما، وقيل لنية الدخول في الإحرام إحراماً لأنه يحرم بعد الإحرام أمور كانت حلالاً قبل الإحرام وهي التي يطلق عليها محظورات الإحرام، وسميت تكبيرة الإحرام بذلك لأن في الإتيان بها يحرم على المصلي أمور كانت حلالاً له قبل ذلك،كالأكل والشرب والكلام وغير ذلك،ولهذا قال صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود(618)وغيره، وانظر إرواء الغليل(301).
ومذهب جمهور العلماء أن السعي بين الصفا والمروة ركن في الحج والعمرة، ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس! اسعوا» فإن السعي قد كتب عليكم) رواه الدار قطني(2/255) من طريق البيهقي (5/97)، ورجال الدارقطني ثقات، إلا معروف بن مشكان وقد قال فيه ابن حجر في التقريب صدوق)، فإسناد الحديث حسن، وحسّنه النووي في المجموع(8/82)، وصحّحه المزي وابن عبد الهادي، انظر إرواء الغليل للشيخ الألباني رحمه الله(1072)، وفيه أيضاً ذكر طرق أخرى للحديث غير هذا الطريق، وقالت عائشة رضي الله عنها ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته ما لم يطف بين الصفا والمروة) رواه البخاري(1790)ومسلم(3080)، ولفظ الأثر عند ابن جرير في تفسير آية البقرة قال لعمري! ما حج من لم يسع بين الصفا والمروة لأن الله تبارك وتعالى يقولإًنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مًن شَعَائًرً اللّهً) وإسناده على شرط البخاري ومسلم.
تنويهه بإجزاء الوقوف بعرفه جوّاً
التاسع: قال الكاتب عن الوقوف بعرفة( ص:77) وهذا الركن يحصل أداؤه بلحظة، حتى إن من العلماء من قال: ولو مرَّ بأجواء عرفة بالطائرة أجزأه )
وأقول: لا أدري وجه إيراد الكاتب هذا القيل؟! هل المراد منه التيسير على الحجاج في الوقوف بعرفه جوّاً؟! وهو من التكلف الذي كان الكاتب في غنية عنه، ولو تأتّى للطائرين المستعجلين بناءً على هذا التيسير الوقوف بعرفة جوّاً، فكيف يتأتى لهم مثل ذلك في طواف الإفاضة؟!.
زعمه أن من دفع من عرفه قبل الغروب لا شيء عليه
العاشر: قال الكاتب ( ص: 77): ( ولو دفع قبل الغروب أجزأه عند الأئمة، خلافاً لمالك، قال ابن عبد البر: لا نعلم أحداً من أهل العلم وافق مالكاً على هذا. وبعضهم يقول : عليه دم ، والأقرب أنه لا شيء عليه ، الدليل: حديث عروة بن مضرس الطائي( قال: جئت يا رسول الله من جبل طيء ، أكللت مطيتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله ( : من أدرك معنا هذه الصلاة، فأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً ، فقد تمّ حجه وقضى تفثه. فهذا دليل على أن الحاج لو دفع قبل الغروب فلا شيء عليه ).
وأقول: من وقف بعرفه نهاراً وجب عليه البقاء فيها إلى غروب الشمس» لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقفوا كذلك، ففي حديث جابر (فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص) رواه مسلم(2950)، وقد قال صلى الله عليه وسلم لتأخذوا عني مناسككم»فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه )رواه مسلم(3137) عن جابر، ولم يرخص لأحد بالانصراف من عرفة قبل الغروب، وقد جاء عنه الترخيص بالانصراف من مزدلفة للنساء والضعفة ومن في حكمهم في آخر الليل قبل انصرافه إلى منى، قال ابن قدامه في المغني(5/273): وعلى من دفع قبل الغروب دم في قول أكثر أهل العلم) وسمى بعضهم، وحديث عروة بن مضرس ( لا يدل على جواز الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس ممن وقف بها نهاراً وأنه لاشيء عليه، وإنما يدل على إجزاء وقوف من وقف بها ليلاً أو نهاراً.